والثاني: هما أولى من الميتة، وأيهما أولى؟ فيه ثلاثة أقوال، وقد مضى ذكرها.
[فرع: أكل الآدمي أو عضو منه للمضطر]
وإن لم يجد المضطر إلا آدميا محقون الدم: من مسلم أو ذمي أو حربي له أمان.. لم يجز له أن يقتله ليأكله؛ لأنه مثله. فإن كان حربيا لا أمان له، أو مرتدا، أو من وجب قتله بالزنا.. جاز له قتله ليأكله. وإن وجد آدميا ميتا.. جاز له أكله.
قال ابن داود: أباح الشافعي أكل لحم الآدمي! فنعارضه: بأنك لم تجعل للنبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ إذا اضطر أن يأكل لحم ميت، بل تتركه حتى يموت؟
وقال أحمد:(لا يأكله) .
دليلنا: أن حرمة الحي آكد من حرمة من وجب قتله، أو من الميت، ولأنه لا خلاف: أن قوما لو كانوا في سفينة وخافوا الغرق ومعهم ميت.. جاز لهم طرحه في البحر؛ لتخف السفينة، فكذلك هاهنا.
فإن لم يجد المضطر شيئا يسد به رمقه.. فهل يجوز له أن يقطع عضوا من بدنه ليأكله؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو إسحاق: يجوز له ذلك؛ لأنه يجوز له حفظ نفسه بقطع بعضه، كما إذا وقعت به أكلة، فكذلك هاهنا مثله.