وإن كان القصاص لصغير أو مجنون، أو لغير رشيد.. لم يستوف له الولي، وبه قال أحمد، وأبو يوسف.
وقال مالك، وأبو حنيفة، ومحمد:(يجوز للأب والجد أن يستوفيا له القصاص في النفس والطرف، ويجوز للوصي والحاكم أن يستوفيا له في الطرف دون النفس) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فأهله بين خيرتين: إن أحبوا.. قتلوا، وإن أحبوا.. أخذوا الدية» . فجعل الخيرة للأهل، فلو جعلنا للولي استيفاءه.. لفوتنا ما خير فيه.
ولأنه لا يملك إيقاع طلاق زوجته، فلا يملك استيفاء القصاص في النفس، كالوصي.
وإذا ثبت هذا: فإن القاتل يحبس إلى أن يبلغ الصبي، ويفيق المجنون، ويصلح المفسد؛ لأن في ذلك مصلحة للقاتل؛ بأن يعيش إلى مدة، ويتأخر قتله، وفيه مصلحة لولي المقتول؛ لئلا يهرب القاتل، ويفوت القصاص.
فإن أراد الولي أن يعفو عن القود على مال، فإن كان المولى عليه له كفاية.. لم يجز، وإن كان محتاجاً إلى ذلك المال لنفقته.. ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه محتاج إلى ذلك.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه لا يملك إسقاط حقه من القصاص، ونفقته في بيت المال.
وإن وثب الصبي أو المجنون، فاقتص.. فهل يصير مستوفياً؟ فيه وجهان:
أحدهما: يصير مستوفياً، كما لو كانت له وديعة، فأتلفها.
والثاني: لا يصير مستوفياً، وهو الأصح؛ لأنه ليس من أهل الاستيفاء.