وأما إذا كان واقفاً في طريق ضيق للمسلمين.. فعلى عاقلة كل واحد منهما جميع دية الآخر؛ أما الصادم: فلأنه قاتل، وأما المصدوم: فلأنه كان السبب في قتل الصادم، وهو وقوفه في الطريق الضيق؛ لأنه ليس له الوقوف هناك.
والفرق بين هذا وبين المتصادمين: أن كل واحد من المتصادمين مات بفعله وفعل صاحبه، وهاهنا كل واحد منهما قاتل لصاحبه منفرد بقتله؛ لأن الصادم انفرد بالإصابة، والمصدوم انفرد بالسبب الذي مات به الصادم.
ومن أصحابنا من قال: ليس على عاقلة المصدوم شيء بحال. والأول أصح. هذا نقل أصحابنا البغداديين.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : نص الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذا كان الرجل واقفاً في الطريق، فصدمه آخر، فماتا:(أن دية الصادم هدر، ودية المصدوم - وهو: الواقف - على عاقلة الصادم) . وقال فيمن نام في الطريق، فصدمه آخر، فماتا:(إن دية النائم هدر، ودية الصادم على عاقلة النائم) .
فمن أصحابنا من جعل المسألتين على قولين، ومنهم من أجراهما على ظاهرهما، وفرق بينهما بأن الإنسان قد يقف في الطريق ليجيب داعياً وما أشبهه، فأما النوم والقعود: فليس له ذلك.
[مسألة اصطدام باخرتين ونحوهما]
وإذا اصطدمت سفينتان، فانكسرتا، وتلف ما فيهما.. فلا يخلو القيمان فيهما: إما أن يكونا مفرطين في الاصطدام، أو غير مفرطين، أو أحدهما مفرطاً والآخر غير مفرط.
فإن كانا مفرطين، بأن أمكنهما ضبطهما والانحراف، فلم يفعلا.. فقد صارا