للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة غلبة الظن على صدق المدعي تثبت اللوث]

واللوث الذي تثبت به الأيمان في جنبة المدعي هو: أن يوجد هناك سبب يغلب معه على الظن صدق المدعي، وذكر الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في ذلك سبعة أسباب:

أحدها: إذا وجد قتيل في محلة قوم أو في قرية أو قبيلة ولا يشاركهم غيرهم في السكنى - وإن كان قد يدخل غيرهم إليهم في تجارة - وبينهم وبين المقتول عداوة ظاهرة، وسواء كان المقتول منهم أو من غيرهم.. فإن ذلك لوث على أهل المحلة أو القرية؛ لأن خيبر كانت دارا محصنة لليهود ولا يسكنها غيرهم، وكان أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدخلونها للتجارة، وكان بينهم وبين الأنصار عداوة ظاهرة، فلما وجد عبد الله بن سهل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيها مقتولا.. جعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لوثا، وجعل للأنصار أن يقسموا عليهم.

وإن اختل أحد هذين الشرطين؛ بأن كان يسكنها غيرهم، أو لا عداوة ظاهرة بين المقتول وبينهم.. لم يكن لوثا.

السبب الثاني: أن يوجد قتيل في دار قوم أو قريتهم أو حصن أو قبيلة ولا يخالطهم غيرهم في السكنى ولا يدخل إليهم غيرهم في تجارة ولا غيرها.. فإن هذا يكون لوثا عليهم، سواء، كان بينهم وبين المقتول عداوة ظاهرة أو لم يكن، وسواء كان القتيل منهم أو من غيرهم.

والفرق بينها وبين الأولى: أنه إذا كان يدخل إليهم غيرهم في تجارة أو غيرها.. جاز أن يكون الذي قتله هو الداخل إليهم، فلهذا قلنا: يشترط أن يكون بينه وبينهم عداوة ظاهرة، وإن كان لا يدخل إليهم غيرهم.. فالظاهر أنه لم يقتله غيرهم.

السبب الثالث: أن يوجد قتيل في الصحراء، وفيه مسألتان:

إحداهما: أن تتفرق عنه جماعة وهو طري، ولم يكن يقربهم أحد ولا مضى - من

<<  <  ج: ص:  >  >>