حين تفرقهم عنه إلى أن روعي أمرهم- مدة يمكن أن يكون القاتل قد هرب أو اختفى.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وليس هناك أثر ولا عين) أراد بـ: (الأثر) أثر قدم آدمي. وبـ:(العين) السبع؛ لأنه إن كان هناك سبع.. جاز أن يكون هو الذي قتله، وإذا كان هناك أثر آدمي.. جاز أن يكون هو الذي قتله دون الجماعة الذين تفرقوا عنه، فإن لم يوجد شيء من ذلك.. كان لوثا على الجماعة الذين تفرقوا من عنده؛ لأن الظاهر أنهم قتلوه.
الثانية: أن يوجد القتيل طريا في الصحراء وبقربه رجل معه سيف مخضوب بالدم أو غيره من السلاح، وليس هناك غيره.. فإنه يكون لوثا عليه؛ لأن الظاهر أنه قتله.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : وكذلك إذا رأى رجلا يحرك يده كالضارب، ووجد بقربه قتيل.. فإنه يكون لوثا عليه؛ لأن الظاهر أنه قتله.
السبب الرابع: أن يوجد قتيل في أحد صفي القتال، فإن كان الصفان قد التقيا بحيث يقتتلون بالسيوف أو الرماح أو الرمي.. فهو لوث على أهل الصف الثاني؛ لأن الظاهر أنهم قتلوه دون أهل صفه. وإن كانوا متباعدين؛ بحيث لا يمكن قتالهم بالسيوف والرماح والرمي.. فهو لوث على أهل صفه؛ لأن الظاهر أنهم قتلوه.
السبب الخامس: إذا ازدحم جماعة في مسجد أو طواف أو سوق فوجد بينهم قتيل.. فهو لوث عليهم؛ لأن الظاهر أنهم قتلوه.
السبب السادس: أن يوجد رجل قتيلا، فتشهد جماعة نساء أو عبيد أن فلانا قتله، فإن جاؤوا متفرقين واتفقت أقوالهم على صفة قتله، ولم يمض من وقت قتله إلى أن قالوا هذه مدة يمكنهم أن يجتمعوا ويتفرقوا.. فإن ذلك يكون لوثا على المشهود عليه؛ لأن الله تعالى لم يجر العادة أن الجماعة يكذبون في شيء واحد من غير تواطؤ منهم على الكذب. وإن كانت قد مضت مدة من حين قتله يمكن أن يجتمعوا فيها ويتفرقوا.. فاختلف أصحابنا فيه:
فقال أكثرهم: لا يكون لوثا على المشهود عليه؛ لأنه يجوز أن يكونوا قد اجتمعوا وتواطؤوا على الكذب.