فإن حلف.. كان الحكم فيه حكم ما لو صادقه المقتص على أنه بذلها ولم يعلم أنها اليمين.
وإن نكل الجاني.. حلف المقتص، وكان الحكم فيه حكم ما لو أقر الجاني: أنه بذلها مع علمه أنها اليسار، وأنه لا يجزئ قطعها عن اليمين.
[فرع وجب القصاص على قطع اليمين وتراضيا على قطع اليسار]
] : وإن وجب له القصاص في اليمين، فاتفقا على أن يقتص منه باليسار بدلاً عنها.. لم يقع عن اليمين؛ لأن ما لا يجوز قطعه بالشرع لا يجوز بالتراضي، كما لو قتل غير القاتل برضاه. ولا قصاص على المقتص؛ لأنه قطعها ببذل صاحبها، ويجب عليه دية اليسار.
فإن كانا عالمين بأن ذلك لا يجوز.. أثما، وإن كانا جاهلين.. لم يأثما.
وإن كان أحدهما عالماً والآخر جاهلاً.. أثم العالم منهما، وهل يسقط حق المقتص من القصاص في اليمين؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسقط؛ لأنه لما رضي بأخذ اليسار عن اليمين.. صار ذلك عفواً منه عن اليمين.
فعلى هذا: يجب عليه دية يد، وله دية يد، فيتقاصان إن استويا، وإن تفاضلا، بأن كان أحدهما رجلاً والآخر امرأة، أو كان المقتص مسلما والجاني كافراً.. رجع من له الفضل بما له من الفضل.
والثاني: لا يسقط حقه من القصاص في اليمين؛ لأنه إنما رضي بإسقاط حقه من القصاص بأن تكون اليسار بدلاً عن اليمين، فإذا لم يصح أن تكون بدلاً عنها.. كان حقه باقياً في المبدل، كما لو صالح على الإنكار.
فعلى هذا: ليس له أن يقتص في اليمين إلا بعد اندمال اليسار.
قال ابن الصباغ: والأول أصح؛ لأن غرضه قد حصل له، وهو القطع.