أحدهما: يجوز إحياؤها وتملك بالإحياء؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عادي الأرض لله ولرسوله، ثم هي لكم مني» وأراد به: الأرض التي كانت ملكًا لقوم عاد، ولأنه لو وجد في بلاد الشرك ركاز من ضرب المشركين.. لملكه بالوجود وإن كان قد جرى عليه ملك مشرك، فكذلك إذا أحيا مواتًا جرى عليه ملك لمالك غير معروف من المشركين.
والثاني: لا تملك بالإحياء.
قال الشيخ أبو حامد: وهو المذهب؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(والموات ما ليس عليه أثر عمارة) ، ولأنها أرض حية جرى عليها الملك، فلم تملك بالإحياء، كما لو كان لها مالك معروف، ولأنه يجوز أن تكون لكافر لم تبلغه الدعوة فلا يكون ماله مباحًا.
ومن قال بهذا.. قال: معنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عادي الأرض لله ولرسوله» أراد به: الملك القديم، فعبر عن الملك القديم بالعادي؛ لأنه يقال: شيء عادي، أي: قديم. فإن أحيا المسلم مواتًا في بلد صولح الكفار على الإقامة فيها.. لم يملكها بذلك؛ لأن الموات يتبع البلد، فإذا لم يجز تملك البلد عليهم، فكذلك ما تبعه.
[فرع: إحياء قرب العامر]
ويجوز إحياء الموات بقرب العامر إذا لم يكن من مرافق العامر.
وقال مالك:(لا يجوز إيحاء ذلك بغير إذن الإمام، ولم يحده بحد) .
وقال أبو حنيفة:(لا يحيي إلا ما جاوز مدى الصوت من العامر، بأن يصيح إنسان في العامر، فالذي ينتهي إليه صوته من الموات.. لا يجوز إحياؤه) .
ودليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أحيا أرضًا ميتة.. فهي له» ولم يفرق.
وروى الشافعي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قدم المدينة أقطع الناس الدور، فقال حي من بني زهرة، يقال لهم: