وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع بين زوجات كثيرة، ولا يفعل إلا الأفضل، ولأنه قال:«تناكحوا تكثروا» ؟ فالجواب: أن غير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كان الأفضل في حقه الاقتصار على واحدة؛ خوفًا منه أن لا يعدل، فأما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فإنه كان يؤمن ذلك في حقه.
وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تناكحوا تكثروا» فإنما ندب إلى النكاح لا إلى العدد.
[مسألة وجوب النفقة في أحوال كل من الزوجين]
إذا تقرر وجوب نفقة الزوجة.. فلا يخلو حال الزوجين من أربعة أقسام: إما أن يكونا بالغين، أو يكون الزوج بالغًا والزوجة صغيرة، أو تكون الزوجة بالغة والزوج صغيرًا، أو يكونا صغيرين.
فإن كانا بالغين، وسلمت الزوجة نفسها إلى الزوج تسليمًا تامًا، بأن تقول: سلمت نفسي إليك، فإن اخترت أن تصير إلي وتستمتع فذلك إليك، وإن اخترت جئت إليك حيث شئت فعلت.. وجبت نفقتها؛ لأن النفقة تجب في مقابلة الاستمتاع، فإذا وجد ذلك منها.. فقد وجد منها التمكين منه، فوجب ما في مقابلته، كالبائع إذا سلم المبيع.. وجب على المشتري تسليم الثمن.
فإن سلمت المرأة نفسها إلى الزوج وكان حاضرًا، فلم يتسلمها حتى مضت على ذلك مدة.. وجبت عليه نفقتها في تلك المدة.
وقال أبو حنيفة:(لا تجب نفقة المدة الماضية، إلا أن يحكم لها الحاكم بها) .
دليلنا: عموم الآيات والأخبار التي ذكرناها في وجوب نفقة الزوجة، ولم يشترط حكم الحاكم.
ولأنه مال يجب للزوجة بدل فيه بالزوجية، فلم يفتقر استقراره إلى حكم الحاكم، كالمهر.
وإن سلمت نفسها إلى الزوج تسليمًا غير تام، بأن قالت: سلمت نفسي في هذا البيت دون غيره، أو في هذه القرية دون غيرها.. لم تجب لها نفقة؛ لأنه لم يوجد