الجزية عوض عن المساكنة، فلا يقبل قولهم في دفعها من غير نية، كثمن المبيع والأجرة.
فإن ادَّعى من عليه الخراج: أنه دفعه إليهم، فإن علم الإمام بذلك، أو قامت به بينة.. لم يطالب بشيء، وإن لم يعلم بذلك، ولا قامت به بينة.. ففيه وجهان:
أحدهما: يقبل قوله مع يمينه؛ لأنه مسلم، فقبل قوله مع يمينه فيما دفعه، كما قلنا فيمن عليه الزكاة.
والثاني: لا يقبل قوله؛ لأن الخراج ثمن أو أجرة، فلا يقبل قوله في دفعه من غير بينة، كالثمن والأجرة في غير ذلك.
[مسألة: لا يقاتل الخوارج على رأيهم]
] : وإن أظهر قوم رأي الخوارج، فتجنبوا الجماعات، وسبوا السلف وكفروهم، وقالوا: من أتى بكبيرة.. خرج من الملة، واستحق الخلود في النار، ولكنهم لم يخرجوا من قبضة الإمام.. فإنه لا يقاتلهم في ذلك، كما رَوَيْنَاهُ في الرجل الذي قال لعلي على باب المسجد وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - يخطب: لا حكم إلا لله، وكان خارجيا؛ لأن هذا من كلامهم.
ورُوِي: أنه حُمِلَ ابن ملجم إلى عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - وقيل له: إنه يريد أن يقتلك، فلم يقتله، وكان ابن ملجم خارجيا.
ورُوِي: أن عاملا لعمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كتب إليه: أن قوما يرون رأي الخوارج، يسبُّونك؟! فقال: إذا سَبُّوني.. سُبُّوهم، وإذا حملوا السلاح، فاحملوا عليهم السلاح، وإذا ضربوا.. فاضربوهم.