إذا كان في يد زيد دار، فادعى عمرو أنها له وأقام بينة أنه اشتراها من خالد.. لم يحكم لعمرو بالدار حتى تشهد بينته: أنه اشتراها من خالد وهو يملكها، أو: أنه اشتراها من خالد وسلمها خالد إليه؛ لأن الظاهر أنه لا يسلم إلا ملكه.
وإن شهدت أنه ملك لعمرو واشتراها من خالد.. حكم له بها؛ لأنها قد أثبتت الملك لعمرو. فأما إذا شهدت بينته أنه اشتراها من خالد وأطلقت.. لم يحكم له بها؛ لأنه قد يبيع ما لا يملك بيعه. فإن قيل: فإذا شهدت أنه اشتراها من خالد وهو يملكها.. فقد حكمتم بالشهادة بملك ماض، وقد قلتم: إن البينة إذا شهدت له أنها كانت في ملكه أمس.. لم يحكم له بها على الصحيح من المذهب.
قلنا: الفرق بينهما: أن ملك المشتري إنما يثبت من جهة البائع، فإذا ثبت ملك البائع.. كان الملك الآن ثابتا للمشتري؛ لأن الأصل بقاؤه، فصار كما لو شهدت له البينة: أنه يملك العين منذ سنة، ويخالف إذا شهدت له البينة: أنها كانت في ملكه أمس؛ لأن ذلك لا يقتضي بقاء ملكه الآن.
[فرع ادعى زيد ملك عين في يد رجل أنه ملكها منذ سنة وادعى آخر شراءها منه منذ خمس سنين]
وإن ادعى زيد ملك عين في يد رجل وأقام بينة أنها ملكه منذ سنة، وادعى آخر أنه ابتاعها من هذا المدعي منذ خمس سنين وكان مالكا لها وقت البيع.. فإنه يحكم ببينة الابتياع؛ لأن البائع قد أقام بينة أنه يملكها منذ سنة، وثبوت الملك لها منذ سنة لا ينفي الملك قبل ذلك، فإذا أقام المدعي للابتياع بينة بالابتياع.. فقد ثبت أنه ابتاعها هذا من المدعي من مالك، فقدمت على بينة البائع؛ لأن بينة البيع شهدت بأمر حادث خفي على البينة التي شهدت للبائع بأصل الملك فقدمت، كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل.