للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا يجب قولا واحدا، وهو الصحيح. وإن أسلمت وهي عندهم ثم هاجرت.. لم تصر حرة؛ لأنهم في أمان منا، وأموالهم محظورة علينا، فلم يزل الملك فيها بالهجرة. فإن جاء سيدها يطلبها.. لم ترد إليه؛ لأنها مسلمة، فلم يجز ردها إلى مشرك، فإن طالب بقيمتها.. وجب دفعها إليه، كما لو غصب منهم مال وتلف. قلت: والذي يقتضي المذهب في هذا: أنه لا يجب دفع قيمتها إليه من بيت المال، بل يؤمر بإزالة ملكه عنها ببيع أو غيره؛ لأنه لا يحكم لها بحرية، فتكون كأمة الكافر إذا أسلمت وهي تحت يده.

فإن كانت هذه الأمة مزوجة فجاء زوجها يطلبها.. فإنها لا ترد إليه، فإن كان قد دفع مهرها إلى سيدها، فإن كان زوجها حرا.. فهل يجب دفع المهر إليه؟ على القولين. وإن كان زوجها عبدا.. فلها أن تختار الفسخ إذا أعتقت، فإن فسخت النكاح.. لم يجب رد مهرها؛ لأنا لم نحل بينه وبينها، وإنما حال بينهما الفسخ، وإن لم تختر الفسخ.. وجب رد مهر مثلها، ولكن لا يجب رده إلا إن حضر العبد وطالب بها وحضر سيده وطالب بالمهر؛ لأن المهر له.

هذا ترتيب أصحابنا البغداديين، وقال الخراسانيون: إذا جاءت منهم الأمة مسلمة، فجاء زوجها في طلبها.. لم نغرم له مهرها؛ لأنه غير مالك لبضعها على الحقيقة. ولو جاء سيدها.. لم نغرم له شيئا؛ لأنا نقول له: قد عقدت عليها عقدا جعلت غيرك أحق بها منك. وإن جاء الزوج والسيد.. غرمنا قيمتها لسيدها، ومهرها لزوجها.

[مسألة: أسلم وهاجر إلى دار الإسلام وجواز رده إن كان له عشيرة تمنعه]

وإن أسلم حر منهم وهاجر إلى دار الإسلام، فإن كانت له عشيرة تمنع عنه.. جاز له العودة إليهم. فإن لم تكن له عشيرة تمنع عنه.. لم يجز له الرجوع إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>