فإن كان العيب الذي كان في يد البائع هو الإباق.. فإنه عيب يستحق به الرد، إلا أنه قد تعذر رده لإباقه من يده، وليس له أن يرجع بالأرش؛ لأنه لم ييأس من الرد. فإن رجع إليه العبد.. رده. وإن هلك مع الإباق.. كان له الرجوع بالأرش.
وإن كان به عيب عند البائع مع الإباق.. فالحكم فيها كالأولى. وإن كان لم يأبق عند البائع، بل كان به عيب آخر عنده، ثم أبق في يد المشتري.. فإن الإباق في يد المشتري عيبٌ يمنعه من الرد، ويكون له المطالبة بأرش العيب؛ لأن البائع لا يجبر على قبوله مع عيب الإباق، فيلزمه دفع الأرش، إلا أن يقول البائع: أنا أرضى برده مع الإباق.. فلا يكون للمشتري المطالبة بالأرش.
[فرع: بعد بيع عبد لآخر عرفه معيبًا]
فإن اشترى عبدًا من رجل، وقبضه، ثم باعه من آخر، ثم علم المشتري الأول به عيبًا كان موجودًا في يد البائع الأول.. قال الشيخ أبو حامد: فعلى قول أبي العباس: للمشتري الأول أن يرجع على البائع الأول بالأرش؛ لأنه غير متمكن من الرد في الحال، فهو كما لو تلف. قال: ولكن نفى ما حكاه أصحابنا عنه.
وقال سائر أصحابنا: ليس له أن يرجع بالأرش. واختلفوا في تعليله:
فذهب أبو إسحاق، وأكثر أصحابنا إلى: أن العلة فيه: أنه استدرك الظلامة وغبن كما غبن.
ومنهم من قال: العلة: أنه لم ييأس من الرد؛ لأنه قد يرجع إليه، فيرده عليه. واختار هذا الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ.
فإن ردّه المشتري الثاني على المشتري الأول.. رده الأول على بائعه؛ لأنه لم يستدرك الظلامة، وأمكنه الرد.
وإن حدث عند المشتري الثاني عيبٌ آخر، فرجع على المشتري الأول بأرش العيب.. فهل له أن يرجع على البائع الأول بالأرش؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال ابن الحدّاد: لا يرجع عليه؛ لأنه قد تبرع بدفع الأرش؛ لأنه قد