وقال أبو حنيفة:(قوله: أنت مطلقة ليس بصريح، وإنما هو كناية) .
دليلنا: أن قوله: أنت طالق ليس بإيقاع الطلاق، وإنما هو وصف لها بالطلاق، كقوله: أنت نائم، فإن كان صريحا.. فكذلك قوله:(أنت مطلقة) مثله.
وأما (الفراق والسراح) : فالصريح منهما لفظتان لا غير، وهو قوله: فارقتك أو أنت مفارقة، أو سرحتك أو أنت مسرحة. هذا ترتيب الشيخ أبي حامد والبغداديين من أصحابنا.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : في قوله: أنت مفارقة أو أنت مسرحة وجهان:
أحدهما: أنه صريح، كقوله: أنت مطلقة.
والثاني: أنه كناية؛ لأنه لم يرد به الشرع ولا الاستعمال. والأول هو المشهور.
فإن خاطبها بلفظة من الألفاظ الصريحة في الطلاق، ثم قال: لم أقصد الطلاق وإنما سبق لساني إليها.. قال الصيمري: فقد قيل: إن كان هناك حال تدل على ما قال، بأن كان في حالة جرت العادة فيها بالدهش.. جاز أن يقبل منه.
وقيل: لا يلتفت إليه، بل يقع عليها الطلاق- وهو المشهور؛ لأنه يدعي خلاف الظاهر - ويدين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه يحتمل ما يدعيه.
[فرع: صرح بالطلاق وادعى أنه قصد ما يصرفه عن ظاهره]
] : وإن قال: أنت طالق، وقال: أردت طلاقا من وثاق. أو قال: فارقتك، وقال: أردت به إلى المسجد. أو قال: سرحتك، وقال: أردت به إلى البيت أو إلى أهلك.. لم يقبل منه في الحكم؛ لأنه يعدل بالكلام عن ظاهره، ويدين فيما يدعيه بينه وبين الله تعالى.
وقال مالك: (إن قال هذا في حال الرضا.. لم يقبل منه في الحكم، وقبل منه