قال في (الفروع) : وإن تبعضت الحرية فيها.. فقد قيل: لا يثبت لها الخيار حتى تكمل حريتها. وقيل: إذا زادت أجزاء حريتها على أجزاء حريته.. ثبت لها الخيار.
[فرع اختيار المعتقة تحت عبد فسخ النكاح]
وإن أعتقت الأمة تحت عبد واختارت فسخ النكاح.. فلها أن تفسخ النكاح بنفسها، ولا تفتقر إلى حكم الحاكم؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبريرة: (إن شئت.. أقيمي تحت هذا العبد، وإن شئت.. فارقيه» ، فجعل المفارقة إليها. ولأنه: مجمع عليه، فلم يفتقر إلى حكم الحاكم، كفسخ البيع عند وجود العيب. وفي وقت خيارها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه على الفور، فإن أخرت الفسخ بعد العلم بالعتق مع تمكنها منه.. سقط حقها؛ لأنه خيار عيب فكان على الفور، كخيار الرد بالعيب.
والثاني: أنها بالخيار ثلاثة أيام؛ لما روى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن بريرة قضى فيها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالثلاث» . ولأنا لو قلنا: لا يكون خيارها إلا على الفور.. أضررنا بها؛ لأنها قد تحتاج إلى التأمل والنظر فيما لها فيه الحظ من ذلك. ولو قلنا: على التراخي أبدا.. أضررنا بالزوج؛ لأنه لا يدري أتقيم معه أم تفارقه، فقدر بالثلاث؛ لأنها أول حد الكثرة وآخر حد القلة.
والثالث - وهو الصحيح -: أنها بالخيار إلى أن يطأها باختيارها؛ لما روي عن عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن «بريرة خيرها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال لها: (إن قربك.. فلا خيار لك» . وبه قال ابن عمر وحفصة بنت عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.