وإن قال: أنت طالق في الشهر الماضي.. فإنه يسأل عن ذلك، فإن قال: أردت أني أوقع الطلاق الآن في الشهر الماضي.. فالمنصوص:(أنها تطلق في الحال) .
قال الربيع: وفيها قول آخر: (أنها لا تطلق) . واختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو علي بن خيران: قد نص الشافعي على: (أنه إذا قال لها: إن طرت أو صعدت السماء فأنت طالق.. فإنها لا تطلق) ، وهذا تعليق طلاق بصفة محال، كإيقاع الطلاق الآن في زمن ماض. فجعل الأولى على قولين، وهذه على وجهين:
أحدهما: لا تطلق؛ لأنه علق الطلاق على شرط، فلا يقع قبل وجوده، كما لو علقه على دخولها الدار.
والثاني: تطلق في الحال؛ لأنه علقه على شرط مستحيل، فألغي الشرط ووقع الطلاق، كما لو قال لمن لا سنة في طلاقها ولا بدعة: أنت طالق للسنة وللبدعة.
وقال أكثر أصحابنا: إذا قال: أنت طالق في الشهر الماضي، وقال: أردت به إيقاع الطلاق الآن في الشهر الماضي.. أنها تطلق قولا واحدا؛ لما ذكرناه، وما حكاه الربيع.. من تخريجه. وإذا قال لها: أنت طالق إن طرت أو صعدت إلى السماء.. فعلى وجهين:
أحدهما: تطلق؛ لما ذكرناه.
الثاني - وهو المنصوص -: (أنها لا تطلق حتى توجد الصفة) .
والفرق بينهما: أن إيقاع الطلاق الآن في زمان ماض مستحيل وجوده في العقل؛ لأن الله تعالى ما أجرى العادة بمثل ذلك وإن كان غير مستحيل في قدرة الله تعالى، والطيران والصعود إلى السماء غير مستحيل وجوده في العقل؛ لأن الله قد أجرى العادة بذلك؛ إذ جعل ذلك للملائكة، وقد أسرى بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد يجعل الله لها إلى ذلك سبيلا. ولأن إيقاع الطلاق في الزمن الماضي يتضمن وقوعه الآن، فحكم عليه بالطلاق الآن.