الرابعة: أن الماء القليل، إذا ورد على النجاسة.. أزالها؛ لأنه حكم بطهارة اليد بإيراد بعض ماء الإناء عليها.
[مسألة: استحباب المضمضة والاستنشاق]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ثم يغرف بيده اليمنى غرفة لفيه وأنفه) .
وإنما قال:(بيمينه) ؛ لأن اليمين مما يرجى أن يؤخذ بها الكتاب يوم القيامة، فقدمت في أعمال البر.
و (الغرفة) - بضم الغين - اسم للماء الذي يكون بكفه، وبفتح الغين: مصدر غرف، يغرف، غرفة.
وجملة ذلك: أن المضمضة والاستنشاق.. مشروعان في الطهارة؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ما منكم من أحد يقرب وضوءه، ثم يتمضمض، ثم يستنشق، ثم يستنثر.. إلا خرجت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء» .
قال الشافعي:(والمضمضة: أن يأخذ الماء في فمه، ويديره فيه، ثم يمجه، فإن مجه ولم يدره في الفم.. لم يعتد به) ؛ لأن القصد قطع الرائحة من الفم، وإزالة تغيره، وهذا لا يوجد من غير إدارة. هكذا ذكره الشيخ أبو حامد في " التعليق ".
و (الاستنشاق) : أن يجعل الماء في أنفه، ويجذبه بنفسه إلى خياشيمه، ويستنثره. والمستحب: أن يبالغ فيهما إلا أن يكون صائمًا.. فيرفق؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للقيط بن صبرة:«وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» .