وإن أصدقها تعليم شعر فيه هجو أو فحش.. كان كما لو أصدقها خمرا أو خنزيرا.
وإن تزوج كتابية على أن يعلمها شيئا من القرآن.. فقال الشيخان ـ أبو حامد وأبو إسحاق ـ وأكثر أصحابنا: إن كانت ممن يطمع في إسلامها بذلك.. صح الصداق؛ لأن المشرك إذا جاء مسترشدا وطلب أن يعلم شيئا من القرآن.. جاز تعليمه. وإن كانت تريده للمباهاة.. لم يصح الصداق؛ لأن فيه ابتذالا للقرآن.
وقال ابن الصباغ: يصح بكل حال؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦][التوبة: ٦] ، ولم يفرق. ولأنها قد تريد ذلك للمباهاة، فإذا تعلمته.. انتفعت به وأسلمت.
وإن تزوج الكتابي كتابية على أن يعلمها شيئا من التوراة أو الإنجيل.. لم يصح الصداق؛ لأنه محرف مبدل. فإن ترافعا إلينا بعد التعليم.. فقد سقط عنه المهر. وإن ترافعا إلينا قبل التعليم.. حكمنا بفساد المهر المسمى، ولزمه مهر مثلها. وإن تزوج حر مسلمة كتابية على أن يعلمها شيئا من التوراة أو من الإنجيل.. لم يصح؛ لما ذكرناه.
فإن ترافعا إلينا.. حكمنا لها بمهر مثلها، سواء ترافعا قبل التعليم أو بعده؛ لأن المسلم لا يقر على المعصية؛ لأنه يعتقد تحريمها، بخلاف أهل الكتاب، فإنهم يقرون على ذلك؛ لأنهم يعتقدون إباحته.
[مسألة ترافع الذميان إلى حاكم مسلم في شأن العقد أو الصداق أو غيره]
إذا ترافع ذميان إلى حاكم المسلمين ليحكم بينهما في ابتداء عقد النكاح.. لم يحكم بينهما إلا على الوجه الذي يحكم به بين المسلمين. فإن كان لها ولي مناسب عدل في دينه.. زوجها بشهادة مسلمين، ويكون ترتيب الولاة كترتيب ولاة المسلمة. فإن كانت المنكوحة بكرا.. أجبرها الأب أو الجد. وإن كانت ثيبا.. لم يصح تزويجها إلا بإذنها. وإن عضلها الولي.. زوجها حاكم المسلمين؛ لأنه يلي عليها بالحكم.