للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن تحاكما في استدامته.. فإنه لا اعتبار بحال انعقاده على أي وجه كان، ولكن ينظر فيها: فإن كانت ممن لا يجوز له ابتداء نكاحها في هذه الحال.. فرق بينهما. وإن كانت ممن يجوز له ابتداء نكاحها.. أقرهما على نكاحهما وإن كان قد عقد بها بولي غير مرشد أو بغير شهود؛ لأنه عقد قد مضى في الشرك فلا يجوز تتبعه ومراعاته؛ لأن في ذلك إلحاق مشقة وتنفيرا لهم عن الدخول في الطاعة. وفي هذا المعنى نزل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٨] [البقرة: ٢٧٨] ، فأمر بترك ما بقي في أيديهم من الربا وعفا عما قبض في الشرك.

وإن تحاكما في الصداق، أو أسلما وتحاكما، فإن كان قد أصدقها صداقا صحيحا.. حكم بصحته. وإن أصدقها صداقا فاسدا، كالخمر والخنزير، فإن كانت قد قبضت جميعه في الشرك.. فقد سقط عنه جميعه، وبرئت ذمته من الصداق؛ لأن ما قبض في الشرك لا يجوز نقضه؛ لما ذكرناه من الآية، ولقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] [الأنفال: ٣٨] . وإن كانت لم تقبض منه شيئا.. حكم الحاكم بفساد المسمى، وأوجب لها مهر مثلها من نقد البلد.

وقال أبو حنيفة: (لا يحكم لها إلا بما سمي لها) .

دليلنا: أنه لا يمكن أن يحكم عليه بتسليم المسمى؛ لفساده، فحكم لها بمهر صحيح.

وإن قبضت بعضه في حال الشرك وبقي البعض من المهر.. سقط من المهر بقسط ما قبضته من المسمى، ووجب لها من مهر المثل بقسط ما لم تقبضه من المسمى؛ لأنها لو قبضت الجميع.. لم يحكم لها بشيء، ولو لم تقبض شيئا.. لحكم لها بمهر مثلها، فإذا قبضت البعض وبقي البعض.. قسط مهر المثل على المقبوض وعلى ما لم يقبض.

إذا ثبت هذا: فإن كان أصدقها عشرة أزقاق خمرا، فقبضت منها بعضها.. نظرت: فإن كانت متساوية لا يفضل بعضها على بعض.. قسم المهر على أعدادها، فإن قبضت خمسة.. سقط عنه نصف المهر، ووجب لها نصف مهر مثلها. وإن كانت مختلفة.. ففيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>