وإن وكله أن يقر عنه بمال، أو بشيء.. أقر عنه بذلك، ورجع إلى الموكل في بيان ذلك.
فأما إذا قال الموكل: أقر له عني، وسكت، فقال الوكيل: أقررت لك عن موكلي.. ففيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد:
أحدهما: يكون كما لو قال: أقر له عني بشيء.. فيرجع إلى بيان الموكل فيه؛ لأن قوله: أقر له عني، لا يحتمل إلا ذلك.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه لا يلزم الموكل بذلك حق؛ لأنه لم يأمره أن يقر له بشيء معلوم، ولا مجهول، فلم يلزمه شيء، كما لو قال الرجل لغيره: أنا أقر لك، أو أنا مقر لك.. فإنه لا يلزمه بذلك مال، بل يحتمل: أقر له عني بالعلم، أو بالفضل، أو بالشجاعة، والأصل براءة ذمته من المال، فلم يلزمه بالشك. هكذا ذكر الشيخ أبو حامد، وأكثر أصحابنا. وذكر الشيخ أبو إسحاق: إذا قلنا: يصح التوكيل بالإقرار.. لم يجز حتى يتبين جنس ما يقر به، وقدر ما يقر به. وهذا موافق للوجه الذي حكاه السنجي.
[مسألة: صحة التصرف تصحح الوكالة نيابة]
] : قال الشافعي: (والتوكيل من كل موكل، من رجل، أو امرأة) الفصل إلى آخره. وجملة ذلك: أن من صح تصرفه في شيء تدخله النيابة.. جاز أن يوكل فيه غيره، كالحُرّ الرشيد، والحرة الرشيدة، والحر الفاسق، والحرة الفاسقة، والمسلم، والكافر فيما يملكون من التصرف، وكذلك المكاتب يجوز له أن يوكل غيره في البيع والشراء.
وأما من لا يملك التصرف في شيء بنفسه: فلا يجوز له أن يوكل غيره فيه، فلا يصح للصبي، والمجنون، والمحجور عليه لسفه أن يوكل غيره في بيع ماله؛ لأنه إذا لم يملك ذلك بنفسه.. فلأن لا يملك غيره ذلك من جهته أولى، إلا أن المحجور عليه يملك أن يوكل غيره في طلاق امرأته، وفي خلعها.