الجاني: لم يسر إليه القطع، وإنما زال بسب آخر.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل عدم السراية. فأما إذا داوى المجني عليه موضع القطع، فقال الجاني: تأكَّلت بالدواء، وقال المجني عليه: تأكلت بالقطع.. سئل أهل الخبرة بذلك الدواء؟ فإن قالوا: إنه تأكل اللحم الميت والحي.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الظاهر أنه تأكل به. وإن قالوا: إنه تأكل الميت دون الحي.. فالقول قول المجني عليه مع يمينه، فإن لم يعرف ذلك.. فالقول قول المجني عليه مع يمينه أيضًا؛ لأنه أعلم بصفة الدواء، ولأن الظاهر أنه لا يداوي الجرح بما يضره ويزيد فيه.
[مسألة قطع أطرافه الأربعة فمات]
] : فإن قطع رجل يدي رجل ورجليه، ومات المجني عليه، فقال الجاني: مات من الجناية، فلا يلزمني إلا دية واحدة، وقال الولي: بل اندملت الجراحتان، ثم مات بسبب آخر، فعليك ديتان.. فإن كان بين الجناية والموت زمان لا يمكن أن تندمل فيه الجراحات.. فالقول قول الجاني بلا يمين؛ لأنا قد علمنا صدقه.
وحكى ابن الصباغ: أن الشيخ أبا حامد قال في " التعليق ": يحلف مع ذلك؛ لجواز أن يكون مات بحادث آخر، كلدغ الحية والعقرب.
قال ابن الصباغ: والأول أولى؛ لأن الولي ما ادعى ذلك، وإنما ادعى الاندمال، وقد علم كذبه، فأما إذا ادعى: أنه مات بسبب آخر.. حلفنا الجاني؛ لإمكانه.
وإن كان بينهما زمان لا تبقى إليه الجراحات غير مندملة، كالسنين الكثيرة.. فالقول قول الولي بلا يمين. وإن كان بينهما زمان يمكن أن تندمل فيه الجراحات ويمكن أن لا تندمل فيه.. فالقول قول الولي فيه مع يمينه؛ لأن الديتين قد وجبتا بالقطع، وشك في سقوط إحداهما بالاندمال، والأصل بقاؤهما.
وإن أقام الجاني بينة: أنه لم يزل ضمنًا من حين الجراحة إلى أن مات.. القول قوله مع يمينه، ولا يجب عليه إلا دية؛ لأن الظاهر أنه مات من الجنايتين.