وإن أقر له بدراهم، ففسرها بدراهم زيف.. نظرت: فإن فسرها بدراهم كلها نحاس أو رصاص لا فضة فيها.. لم يقبل منه، سواء وصل ذلك بإقراره أو فصله؛ لأن النحاس والرصاص لا يسمى دراهم.
وإن فسرها بدراهم فضة مغشوشة برصاص أو نحاس.. فاختلف أصحابنا فيه:
فقال القاضي أبو الطيب: يقبل منه، سواء وصل ذلك بإقراره أو فصله؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قال:(ولو قال: من سكة كذا وكذا.. صدق مع يمينه، كانت أردأ الدراهم أو أوسطها) . قال القاضي: وأردأ الدراهم المغشوشة.
وقال الشيخان - أبو إسحاق الشيرازي وأبو حامد الإسفرائيني -: حكمه حكم النقص، فإن وصلها بإقراره.. قبل، وإن لم يصلها.. لم يقبل؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(ولو قال: له علي درهم، ثم قال: نقص أو زيف.. لم يصدق) . وما احتج به القاضي.. فإنها تعود إلى أدنى الدراهم سكة. ولأن الدراهم المغشوشة خارجة عن ضرب الإسلام، كالنقص.
قال ابن الصباغ: فإن كان المقر ببلد يتعامل فيه بالدراهم المغشوشة.. فينبغي إذا أطلق أن لا يلزمه إلا منها، كما قلنا في النقص.
[فرع أقر بغصب ألف درهم أو بأنها وديعة عنده]
وإن قال: غصبته ألف درهم، أو عندي له ألف درهم وديعة، ثم قال: هي نقص أو زيف.. قال ابن الصباغ: والذي يقتضي المذهب: أنه لا يقبل منه، كما لو قال: له علي ألف درهم. وقال أبو حنيفة:(يقبل منه في الغصب والوديعة) .
دليلنا: أن الاسم يقتضي الوازنة غير الزيف، فلم يقبل ما يخالف الاسم، كما لو قال: له علي ألف درهم.