وأن استأجر رواضًا ليروض له دابة.. فله أن يضربها ويكبحها باللجام، ويحمل عليها في السير أكثر مما يكون لمستأجر الدابة؛ لأن القصد تأديبها، وذلك لا يحصل إلا بذلك، فإن فعل ذلك وماتت منه، فإن كانت في ملك صاحبها، أو كان مشاهدًا لها.. لم يجب على الرائض ضمانها، قولًا واحدًا؛ لأن يد صاحبها عليها، وإن كان في غير ملك صاحبها وهو غائب عنها.. فهل يجب على الأجير ضمانها؟ فيه قولان.
وإن ضربها، أو كبحها، أو حمل عليها في السير أكثر مما جرت عادة الرواض به، فماتت.. ضمنها، قولًا واحدًا؛ لأنه متعد بذلك.
[فرع: ما يضمنه الأجير]
وأما قدر ما يضمنه الأجير.. فينظر فيه:
فإن استأجره ليعمل له في عين في ملكه أو غير ملكه وهو مشاهد لها.. فقد قلنا: إنه لا يضمنها الأجير إلا بالتعدي فيها، فإن تعدى الأجير فيها، ثم أتلفها.. قال الشيخ أبو حامد: فإنه يلزمه قيمتها يوم الإتلاف لا يوم التعدي؛ لأنه إذا تعدى فيها وهي باقية.. فيد مالكها عليها، فزال تعديه بثبوت يد صاحبها عليها.
وإن كان الأجير يعمل في غير ملك المستأجر والمالك غير مشاهد لها، فإن قلنا: إن يده يد أمانة فتعدى فيها.. لزمه قيمتها أكثر ما كانت من حين التعدي إلى أن تلفت. وإن قلنا: إن يده ضمان.. لزمه قيمتها أكثر ما كانت من حين قبضها إلى أن تلفت.
ومن أصحابنا من قال: يجب قيمتها يوم التلف إلا أن يتعدى بها.. فيلزمه على هذا قيمتها أكثر ما كانت من حين تعدى بها إلى أن تلفت. والأول أصح.
وأما وجوب الأجرة للأجير إذا تلفت العين بعد أن عمل جميع العمل أو بعضه.. فينظر فيه: