والثاني: أن الأفضل أن يحرم من الميقات؛ لأن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أحرم من الميقات، ولا يفعل إلا الأفضل، ولأنه أقل تغريرا بالعبادة، ولهذا روي: أنه سئل ابن عباس عن رجلين: أحدهما كثير الطاعة كثير المعصية، والآخر قليل الطاعة قليل المعصية، أيهما أفضل؟ فقال:(السلامة لا يعدلها عندي شيء) . هذه طريقة البغداديين من أصحابنا.
وقال القفال: الأفضل أن يحرم من دويرة أهله قولا واحدا، وإنما كره الشافعي للرجل أن يتشبه بالمحرمين، فيتجرد عن ثيابه قبل الإحرام، وقد يفعله بعض الناس.
[فرع ترك الإحرام من الميقات ودخول مكة لحاجة]
] : ومن مر على الميقات، فإن كان يريد النسك.. لم يجز له أن يتجاوزه حتى يحرم؛ لما ذكرناه.
فإن أراد دخول مكة لحاجة لا تتكرر.. فهل يلزمه الإحرام؟ في قولان، مضى ذكرهما.
وإن أراد دخول مكة لحاجة تتكرر، أو أراد دخول موضع دون الحرم.. لم يلزمه الإحرام.
فإن بدا له بعد مجاوزته الميقات، وأراد النسك.. لزمه الإحرام من موضعه، كمن داره دون الميقات.
وقال أحمد وإسحاق:(يلزمه أن يعود إلى الميقات، ويحرم منه) .
دليلنا: أنه مر بالميقات، وهو غير مريد للنسك.. فلم يلزمه الرجوع إليه، كما لو لم يرد النسك بعد ذلك.