فإذا قلنا بهذا.. نظرت: فإن كان المال متساوي الأجزاء؛ بحيث يجبر الشريك على قسمته بالأجزاء بالقرعة، كالدنانير والدراهم والحنطة والشعير.. ففيه وجهان:
أحدهما: إن كانت الدنانير بينهما نصفين، فسرق نصف دينار.. قطع؛ لأنه تحقق أن ربع الدينار ملك الشريك خاصة.
والثاني: لا يقطع بهذا؛ ولكن يجمع حقه فيما سرق؛ فإن كان المشترك دينارين.. لم يقطع إلا بأن يسرق دينارا وربعا.. ولا يقطع إذا سرق دينارا؛ لأن الدينار حقه، والدنانير متماثلة الأجزاء. وإذا امتنع أحد الشريكين من القسمة.. فللآخر أن يأخذ نصيب نفسه، فيجعل هذا السارق كأنه أخذ نصيب نفسه.
وإن كان المال المشترك غير متساوي الأجزاء؛ مثل الثياب ونحوها.. فإنه يقطع إذا سرق ما يساوي نصف دينار.
والفرق بينهما: أن المال إذا كان متساوي الأجزاء، وأخذ دينارا، وله في جملة المال دينار.. صار كأنه أخذ مال نفسه. وإذا كان متفاوت الأجزاء.. فلا يجوز له أخذ شيء منه بحال إلا بإذن شريكه، فإذا سرق ما يساوي نصف دينار.. جعل سارقا لربع دينار، فقطع.
وإن سرق السيد من مال من نصفه حر ونصفه عبد له.. ينظر: فإن سرق من المال الذي له بنصفه الحر وقد أخذ السيد نصيبه منه.. قال القفال: لم يقطع؛ لأن له شبهة في ذلك المال؛ لأن المال إنما يكون في الحقيقة لجميع البدن، ونصف بدنه له، فهو كسرقة مال ولده. وقال أبُو عليّ السنجي: يجب عليه القطع؛ لأنه لا شبهة له في هذا المال؛ لأن العبد يملكه بنصفه الحر ملكا تاما؛ ولهذا: يجب عليه فيه الزكاة، ويورث عنه على الصحيح.
[فرع: السرقة من غلة الوقف]
وإن سرق إنسان من غلة الوقف على الناس.. لم يقطع؛ لأنه من الناس. وإن كان الوقف على الفقراء والمساكين، فسرق من غلته فقير أو مسكين.. لم يقطع؛ لأنه من أهل الوقف. وإن سرق منها غني.. قطع؛ لأنه ليس من أهل الوقف.