في ثمنه إنسان، فإنه لا تقبل الزيادة إلا من ثقة؛ مخافة أن يزيد، فيتركها، فيفسدها، فإن تطوع الدلال بالنداء من غير أجره.. لم يستأجر الحاكم من ينادي؛ لأنه لا حاجة به إلى ذلك، فإن لم يوجد من يتطوع بذلك.. استؤجر بأقل ما يوجد، فإن كان في بيت المال فضل أعطي الأجير الأجرة منه؛ لأن في ذلك مصلحة، فهو كأجرة الكيال والوزان في الأسواق. وإن لم يكن في بيت المال فضل.. استؤجر من مال المفلس لذلك؛ لأن العمل له.
قال أبو علي في " الإفصاح ": وأما أجرة النقاد: فعلى الغريم، لا على المفلس، فإن اختار المفلس رجلا ينادي على المتاع، واختار الغرماء غيره.. نظر الحاكم فيهما: فإن كان أحدهما ثقة دون الآخر.. أقر الثقة منهما، وإن كانا ثقتين، فإن كان أحدهما متطوعا دون الآخر.. أقر المتطوع دون الآخر؛ لأنه أوفر عليهم، فإن كانا متطوعين.. ضم أحدهما إلى الآخر؛ لأن ذلك أحوط، وإن كانا غير متطوعين.. اختار أوثقهما وأعرفهما.
[فرع: تباع كل سلعة في محالها]
ويباع كل شيء من الأمتعة في سوقه، فتباع الكتب في سوق الوراقين، ويباع البز في سوق البزازين، والطعام في سوق الطعام، وما أشبه ذلك؛ لأن الشيء إنما يطلب في سوقه، فإن باع شيئا بثمن مثله الذي يباع به في سوقه، في غير سوقه.. صح البيع؛ لأن الغرض حصول ثمن مثله، ويبدأ ببيع ما يسرع إليه الفساد من مال المفلس، كاللحم الطري، والبطيخ، والهريس، وما أشبه ذلك؛ لأنه إذا لم يبع.. تلف بالفساد، أو نقصت قيمته، ثم بيع بعده الحيوان؛ لأنه معرض للتلف، ويحتاج إلى المؤنة في بقائه، ثم يبيع بعده سائر الأمتعة التي تحول وتنقل، كالثياب وغيرها؛ لأن اليد تنالها ويخاف عليها، ثم يبيع بعد ذلك العقار، لأنه لا يخاف عليه الهلاك.