فإن انتقلت الزوجة من منزل الزوج الذي أسكنها فيه إلى منزل غيره بغير إذنه، أو خرجت من البلد بغير إذنه.. فهي ناشزة، وتسقط بذلك نفقتها، وبه قال كافة أهل العلم، إلا الحكم بن عتيبة؛ فإنه قال: لا تسقط نفقتها بذلك.
دليلنا: أن النفقة تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع، وقد سقط التمكين من الاستمتاع، فسقطت نفقتها، كما لو لم تسلم نفسها.
وإن سافرت المرأة بغير إذن زوجها.. سقطت نفقتها؛ لأنها قد منعت استمتاعه بالسفر، وإن سافرت بإذنه.. نظرت:
فإن سافر الزوج معها.. لم تسقط نفقتها؛ لأنها في قبضته وطاعته. وإن سافرت وحدها، فإن كانت في حاجة الزوج.. وجبت عليه نفقتها؛ لأنها سافرت في شغله ومراده، وإن سافرت لحاجة نفسها.. فقد قال الشافعي في (النفقات) : (لها النفقة) . وقال في (النكاح) : (لا نفقة لها) . واختلف أصحابنا فيها:
فقال أبو إسحاق: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين:
فحيث قال:(لها النفقة) أراد: إذا كان الزوج معها.
وحيث قال:(لا نفقة لها) أراد: إذا لم يكن الزوج معها.
ومنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: لا نفقة لها، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد؛ لأنها غير ممكنة من نفسها، فلم تجب لها النفقة، كما لو سافرت بغير إذنه.
والثاني: تجب لها النفقة؛ لأنها سافرت بإذنه، فلم تسقط نفقتها، كما لو سافرت في حاجته.