إذا وجد اللقطة وكان أمينا.. قال الشافعي في " المختصر "[٣/١٢٥] : (لا أحب لأحد ترك لقطة وجدها إذا كان أمينا عليها) .
وقال في موضع آخر:(لا يحل له ترك اللقطة إذا كان أمينا عليها) .
واختلف أصحابنا فيه: فمنهم قال فيه قولان:
أحدهما: يستحب له أخذها، ولا يجب عليه، لأن ذلك أمانة، فلم يجب عليه أخذها، كقبول الوديعة.
والثاني: يجب عليه أخذها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢][المائدة:٢] ، ولقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة: ٧١][التوبة:٧١] . وإذا كان وليا عليه.. وجب عليه حفظ ماله.
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حرمة مال المؤمن كحرمة دمه» . ولو خاف على دمه.. لوجب عليه حفظه، فكذلك إذا خاف على ماله.
وقال أبو العباس، وأبو إسحاق وغيرهما: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين:
فالموضع الذي قال (يستحب له أخذها، ولا يجب عليه) أراد به: إذا وجدها في بلد، أو قرية، أو محلة، يعلم أمانة أهلها؛ لأن ترك أخذها لا يكون تغريرا بها؛ لأن غيره يقوم مقامه في حفظها، فجرى مجرى الصلاة على الجنازة، ودفن الميت إذا كان هناك من يقوم بها غيره.
والموضع الذي قال (يجب عليه أخذها) أراد: إذا وجدها في بلد، أو قرية، أو محلة يعلم أن أهلها غير ثقات، أو وجدها في مسلك يسلكه أخلاط الناس؛ لأن في تركها تغريرا بها.