وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ مَسْكَن له، بملك، أو إجارة، أو إعارة.. فعليه أن يكتري لها مسكنا تسكنه، إن كان حاضرا، وتعتد فيه، وإن كان غائبا.. فعلى الحاكم أن يكتري لها مسكنا من مال الزوج تعتد فيه، وإن لم يجد له مالا.. اقترض عليه الحاكم، واكترى لها مسكنا؛ لأن الحاكم يقضي عن الغائب ما لزمه من الحق، وهذا حق لازم عليه.
وإن أذن لها الحاكم أن تقترض عليه، وتكتري به، أو أذن لها أن تكتري بشيء من مالها قرضا عليه.. صح ذلك، وكان ذلك دينا على الزوج ترجع به عليه، إلا أن الحاكم إذا اكترى لها بنفسه.. اكترى لها حيث شاء، وإن اكترت لنفسها بإذن الحاكم.. اكترت حيث شاءت.
وإن اكترت لنفسها مسكنا من غير إذن الحاكم، فإن كانت تقدر على إذن الحاكم.. لم ترجع بذلك على الزوج؛ لأنها تطوعت على الزوج بذلك، وإن لم تقدر على إذن الحاكم.. فهل ترجع؟ فيه وجهان، كالوجهين في الجمال إذا هرب.
[فرع تأويل كلام الشافعي في التطوع السكنى]
قال الشافعي:(ولا نعلم أحدا بالمدينة فيما مضى اكترى منزلا، وإنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم) . واختلف أصحابنا في تأويل هذا الكلام:
فمنهم من قال: عطف الشافعي بهذا على التي قبلها، وهو إذا طلقها وهي في غير مسكن له وكان غائبا، فقد ذكرنا: أن الحاكم يكتري لها منزلا تعتد فيه، وهذا إذا لم يجد الحاكم من يتطوع بعارية منزل تعتد فيه، فأما إذا وجد من يتطوع بعارية منزل: لم يكتر لها، كما قلنا في الإمام لا يبذل على الأذان عوضا إذا وجد من يتطوع به.
فعلى هذا: إن بذل لها باذل منزلا تسكنه.. لم يلزمها القبول؛ لأن عليها منة في