للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعرابي قد أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعجزه عن التكفير، فأمر له بعرق فيه تمر، وأمره أن يتصدق به، فلو كانت قد سقطت عنه.. لما احتاج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى دفعها إليه، ولأنها كفارة وجبت بسبب من جهته، فلم تسقط بعجزه، كجزاء الصيد، وفيه احتراز من زكاة الفطر، فإنها لم تجب بسبب من جهته.

والثاني: أنها تسقط عنه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر الأعرابي أن يطعمه عياله، ولم يخبره بأنها في ذمته إلى أن يجدها، ولأنه حق مال يجب لله تعالى لا على وجه البدل، فلم يجب مع العجز، كزكاة الفطر.

فقولنا: (حق مال) احتراز من الصوم على الحائض؛ فإنه ثبت في ذمتها.

وقولنا: (لله) احتراز من دين الآدمي.

وقولنا: (لا على وجه البدل) احتراز من جزاء الصيد.

[مسألة: صوم المغمى عليه]

] : إذا نوى الصوم من الليل، فأصبح، ثم أغمي عليه يومين أو ثلاثاً فإن أفاق بعد اليوم الأول.. لا يصح صومه؛ لأنه لم ينو الصوم فيه، وأما اليوم الأول: فقد قال الشافعي في (الصوم) : (إذا أفاق في بعض النهار.. أجزأه)

وقال في (الظهار) : (إذا كان مفيقاً في أول النهار.. أجزأه) .

وقال في " اختلاف العراقيين ": (إذا حاضت المرأة، أو أغمي عليها.. بطل صومها) . واختلف أصحابنا في ذلك:

فقال أبو العباس: فيها ثلاثة أقوال:

أحدها: يعتبر أن يكون مفيقاً في أوله لا غير، وهو قول مالك؛ لأن الصوم يفتقر إلى الإفاقة، كما يفتقر إلى النية، والنية معتبرة بأوله، فكذلك الإفاقة.

والثاني: تعتبر الإفاقة في جميع النهار، وإذا أغمي عليه في جزء منه.. بطل صومه؛ لأنه معنى إذا طرأ أسقط فرض الصلاة، فأبطل الصوم، كالحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>