[فرع لا ينتهر القاضي أحد الخصمين أو كلاهما أو شاهدا إلا بحق]
] : ولا يجوز للقاضي أن ينتهر الخصمين أو أحدهما، ولا يصيح عليهما؛ لأنه إذا فعل ذلك.. انكسر قلب من انتهره، وربما منعه ذلك من استيفاء حجته.
فإن بان من أحد الخصمين لدد، وهو: الالتواء في الخصومة وشدة الخصومة، قال الله تعالى:{وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}[البقرة: ٢٠٤][البقرة: ٢٠٤] ، وقال الله تعالى:{وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا}[مريم: ٩٧][مريم: ٩٧] ، وذلك بأن لا يستوي على وجهة واحدة؛ مثل: أن يسأل الحاكم أن يستحلف له خصمه، فلما استحلفه بعض اليمين.. قال له: اقطع اليمين، فلي بينة أقيمها، فانصرف، ثم عاد ورفعه ثانيا ولم يقم عليه بينة وما أشبه ذلك، فإذا فعل الخصم ذلك مرة.. نهاه الحاكم عن ذلك، فإن عاد إليه.. زجره بالكلام، فإن فعله ثالثا.. أدبه بالضرب أو بالحبس على ما يرى فيه من المصلحة.
فإن أغلظ الخصم للحاكم بالقول؛ مثل أن يقول: جرت علي في الحكم أو حكمت علي بغير حق وما أشبه ذلك.. فعلى الحاكم ما يرى فيه من المصلحة من تعزيره أو ترك تعزيره. فإن كان الخصم جاهلا يرى أن ترك تعزيره للعجز عنه.. عزره؛ لئلا ينبسط عليه بأكثر من ذلك. وإن كان عاقلا، إلا أنه أخطأ في ذلك.. زجره بالكلام.
ولا يتعنت شاهدا، وهو: أن الحاكم متى شهد عنده شاهدان وتوسم فيهما سيما الخير والعدالة.. لم يفرقهما، ولم يسألهما: أين شهدتما؟ ولا في أي موضع شهدتما؟.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا ينتهر شاهدا ولا يعنفه) . و (الانتهار) : أن