فإن خاطه المجروح بنفسه، أو خاطه غيره بأمره.. فهل يجب القود على الجارح في النفس؟ فيه طريقان، كما قلنا فيه إذا داوى جرحه بسم قد يقتل وقد لا يقتل إلا أنه يقتل في الغالب.
وإن خاطه رجل أجنبي بغير إذنه، أو أكرهه على ذلك.. وجب القود على الجارح والذي خاط الجراحة؛ لأنهما قاتلان.
وإن خاطه السلطان، وأكرهه على ذلك، فإن كان لا ولاية له عليه.. كان كغيره من الرعية، فيجب عليه القود في النفس مع الجارح، وإن كان له على المجروح ولاية، بأن كان صغيراً، أو مجنوناً، أو خاطها الولي عليه من غير أمر السلطان، أو كان على المولى عليه سلعة، فقطعها وليه، فمات.. فهل يجب عليه القود؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه القود؛ لأنه جرح جرحاً مخوفاً، فوجب عليه القود.
فعلى هذا: يجب على شريكه - وهو الجارح - القود.
والثاني: لا يجب عليه القود؛ لأنه لم يقصد الجناية، وإنما قصد المداواة، فصار فعله عمد خطأ.
فعلى هذا: لا يجب عليه أو على شريكه القود في النفس، ويجب على كل واحد منهما نصف دية مغلظة، وهل يكون ما وجب على الإمام من ذلك في ماله، أو في بيت المال؟ فيه قولان، يأتي بيانهما إن شاء الله تعالى.
[فرع جرحه جرحاً وآخر مائة جرح فمات]
وإن جرح رجل رجلاً جرحاً، وجرحه آخر مائة جرح، ثم مات.. فهما شريكان في القتل، فيجب عليهما القود؛ لأنه يجوز أن يموت من الجرح الواحد كما يجوز أن يموت من المائة، وإذا تساوى الجميع في الجواز.. فالظاهر أنه مات من الجميع، فصارا قاتلين، فيجب عليهما القود.