وقال القاضي أبو الطيب: أصل هذين الوجهين مأخوذ من القولين فيمن أقر أنه تكفل ببدن رجل على أنه بالخيار، فأنكر المكفول له شرط الخيار.
وقال القفّال: أصلهما مأخوذ من القولين فيمن أقرّ لغيره بحق، ثم وصله بما يسقطه.
قلت: وهما أصلٌ واحدٌ.
قال الشيخ أبو حامد: فإن قال: بعتك هذه العين بشرط البراءة من العيوب، وأنكر المشتري هذا الشرط.. فإن قلنا: إن البيع صحيح والشرط صحيح.. فإنهما يتحالفان على النفي والإثبات على ما مضى. وإن قلنا: إن الشرط والبيع باطلان.. فالقول قول من ينكر الشرط؛ لأن الظاهر من العقد الصحة. وإن قلنا: لا يصح الشرط ويصح العقد.. ولم يفد هذا الاختلاف شيئًا، ولا يمين على أحدهما.
[فرعٌ: الاختلاف في الصرف بعد التفرق]
وإن اختلفا في الصرف بعد التفرق، فقال أحدهما: تفرقنا قبل القبض، وقال الآخر: تفرّقنا بعد القبض.. ففيه وجهان:
أحدهما: أن القول قول من يدّعي التفرق قبل القبض مع يمينه؛ لأن الأصل عدم القبض وعدم صحة العقد.
والثاني: أن القول قول من يدّعي التفرق بعد القبض مع يمينه؛ لأن الظاهر صحة العقد، والأصل عدم ما يفسده.
وإن افترقا، فقال أحدهما: تفرّقنا عن تراض، وقال الآخر: تفرّقنا بعد الفسخ.. ففيه وجهان:
أحدهما: أن القول قول من يدّعي التفرق عن التراضي؛ لأن الأصل صحة العقد.
والثاني: أن القول قول من يدّعي الفسخ؛ لأن الأصل عدم العقد.