لأنه يجوز أن يكون تولى الإشهاد له غيره، أو تولى الإشهاد بنفسه ثم نسيه، أو تحملت البينة الشهادة من غير أن يتولى استشهاد أحد، فيكون قوله:(لا بينة لي) راجعا إلى ما يعتقده.
إذا ثبت هذا: فإن أقام شاهدين.. حكم له بالحق، وإن أقام شاهدا وحلف معه، أو شاهدا وامرأتين، والحق مما يقبل فيه ذلك.. حكم له به.
وإن نكل المدعى عليه عن اليمين فردت اليمين على المدعي، وقال: لست أختار أن أحلف، وأقام شاهدا واحدا، وأراد أن يحلف معه وكانت الدعوى في مال.. فهل له أن يحلف معه؟ على القولين فيمن ادعى مالا وأقام شاهدا ولم يحلف معه، فردت اليمين على المدعى عليه فلم يحلف.. فهل ترد اليمين على المدعي، وقد مضى توجيههما.
[فرع إقامة المدعي البينة وجرح المدعى عليه لها]
] : وإذا أقام المدعي البينة بما ادعاه وثبتت عدالتهما عند الحاكم، فإن كان الحاكم يعلم أن المشهود عليه لا يعلم أن له دفع البينة بالجرح.. قال له: قد شهد عليك فلان وفلان وقد ثبتت عدالتهما عندي، فهل تعرف فيهما شيئا يجرحهما فإن ادعى جرحهما، أو سأل أن يمهل إلى أن يقيم البينة على جرحهما.. أمهل يوما أو يومين أو ثلاثا؛ لأنه قريب ولا يجوز أن يمهل أكثر من ثلاث إلا برضا المشهود له؛ لأن ما زاد على الثلاث كثير. فإن أقام البينة على جرحهما.. لم يحكم بشهادتهما. فإن مضت المدة التي استمهل لإقامة البينة فيها فلم يقم البينة على جرحهما.. حكم بشهادتهما؛ لما روي: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في كتابه إلى أبي موسى الأشعري:(واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة.. أخذت له حقه، وإلا استحللت له القضية عليه؛ فإنه أتقى للشك وأجلى للعمى) .
قال الشيخ أبو إسحاق: وللمدعي أن يلازم المدعى عليه إلى أن يقيم البينة