دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٦][النساء: ٦] . فأمر بدفع المال إليهم بالبلوغ، وبإيناس الرشد، وقد بينا الرشد ما هو. وهذا لم يؤنس منه الرشد، فلم يفك عنه الحجر، ولم يدفع إليه ماله، كما لو كان ابن أربع وعشرين سنة.
وأما قوله:(إنه قد آن له أن يصير جدا) فلا اعتبار لكونه جدا، ألا ترى أن المجنون يستدام عليه الحجر ما دام مجنونا وإن كان جدا؟
إذا ثبت هذا: فإنه ينظر بماله من كان ينظر فيه قبل البلوغ؛ لأنه حجر ثبت عليه من غير حاكم، فكان إلى الناظر فيه قبل البلوغ، كالنظر في مال الصغير.
[فرع: اختبار البائع]
وأما إصلاح المال: فلا يعلم إلا بالاختبار، وفي وقت الاختبار وجهان:
أحدهما: لا يصح إلا بعد البلوغ؛ لأن الاختبار: أن يدفع إليه المال ليبيع ويشتري فيه وينفقه، وهذا لا يصح إلا بعد البلوغ، وأما قبل ذلك: فهو محجور عليه للصغر.
والثاني: يصح قبل البلوغ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٦][النساء: ٦] . وهذا يقتضي أن يكون الاختبار قبل بلوغ الاختبار، ولأن تأخير النكاح إلى البلوغ يؤدي إلى الحجر على رشيد؛ لأنه قد يبلغ مصلحا لماله ودينه، فلو قلنا: إن الاختبار لا يجوز إلا بعد البلوغ.. لاستديم الحجر على رشيد، ومنع من ماله؛ لأنه لا يدفع إليه، إلا بعد الاختبار.
فإذا قلنا بهذا: فكيف يختبر بالبيع والشراء؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يأمره الولي أن يساوم في السلع، ويقرر الثمن، ولا يتولى العقد؛ لأن عقد الصبي لا يصح، ولكن يعقد الولي.
و [الثاني] : منهم من قال: يشتري الولي سلعة، ويدعها بيد البائع، ويواطئه على بيعها من الصبي، فإن اشتراها منه بثمنها.. عرف رشده.