و [الثالث] : منهم من قال: يجوز عقد الصبي؛ لأنه موضع ضرورة، وأما كيفية الاختبار:
فإن كان من أولاد التجار والسوقة الذين يخرجون إلى السوق.. فاختباره: أن يدفع إليه شيء من ماله ليبيع ويشتري في السوق، فإن كان ضابطا حازما في البيع والشراء.. علم رشده، وإن كان يغبن بما لا يتغابن الناس بمثله.. فهو غير رشيد.
وإن كان من أولاد الملوك والكبار والنبلاء والتناء الذين يصانون عن الأسواق.. قال الشيخ أبو حامد: واختبارهم أصعب من الأول، واختبار الواحد منهم: أن يدفع إليه شيء من المال، ويجعل إليه نفقة الدار مدة شهر، وما أشبهه، للخبز والماء والملح واللحم، فإن كان ضابطا حافظا يحسن إنفاق ذلك.. علم رشده، وإن كان غير ضابط.. لم يعلم رشده.
قال الصيدلاني: وولد التناء يختبر بالزراعة، هذا إذا كان المختبر غلاما، فإن كان امرأة.. قال الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ: لا تختبر بالبيع ولا الشراء؛ لأن العادة جرت أنها لا تباشر ذلك، وإنما تختبر البنت بأن يدفع إليها شيئا من المال، ويجعل نساء ثقات يشرفن على فعلها، وتؤمر بإنفاق ذلك في الخبز والماء والملح واللحم، كما يختبر من يصان عن الأسواق من الرجال، ويضاف إلى هذا شراء القطن والغزل؛ لأن هذا من عمل النساء.
وقال الصيمري: إن كانت متبذلة تعامل التجار والصناع.. اختبرت بالبيع والشراء أيضا. قال الصيمري: ولا يعلم رشده حتى يتكرر ذلك منه التكرر الذي يؤمن أن يكون ذلك اتفاقا.
قال المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢٧٧] : ولا يضمن الولي المال الذي يدفعه إليه للاختبار؛ لأن ذلك موضع حاجة إليه.