وأما حديث محمود بن لبيد: فلا حجة فيه أنه لا يجوز للأغنياء؛ لأن المحتاجين كانوا هم السبب، وأما الرخصة: فعامة، كما أن سبب الرمل في الاضطباع كان لإظهار الجلد للمشركين، ثم زال السبب والحكم باق.
[فرعٌ: بيع الرطب على رؤوس النخل بالرطب على الأرض]
] : وإن باع رطبا على رؤوس النخل، برطب على الأرض، أو برطب على رؤوس النخل.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يجوز، وهو قول ابن خيران؛ لما روى زيد بن ثابت:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص في بيع العرية بالتمر والرطب) . ولم يفرق، وروي: (بالتمر أو الرطب» .
والثاني ـ حكاه الشيخ أبو حامد، عن أبي إسحاق ـ: إن كان على رؤوس النخل.. جاز، وإن كان أحدهما على الأرض.. لم يجز؛ لأنهما إذا كانا على رؤوس النخل، فربما يريد أحدهما نوعًا من الرطب غير النوع الذي عنده، فيأكله أيًّامًا من نخله. وإذا كان أحدهما على الأرض.. لا يمكنه أن يأكله أيامًا؛ لأن أكثر ما يبقى رطبا يومًا أو يومين.
وأما صاحب " المهذب "، وابن الصباغ: فحكيا قول أبي إسحاق: إن كانا نوعًا واحدًا.. لم يجز. وإن كانا نوعين.. جاز من غير تفصيل. ولعلهما أرادا إذا كان النوعان على رؤوس النخل.
والوجه الثالث ـ وهو قول أبي سعيد الإصطخري ـ: أنه لا يجوز بحال؛ لما روي في حديث سهل بن أبي حثمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع تمر النخل بتمر النخل، إلا أنه أرخص في العرايا أن تباع بخرصها تمرًا» .