النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يوجب عليه الحد في حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. وأما قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البغي: من أنكحت نفسها» فسماها بغيا على جهة المجاز، لتعلق بعض حكم البغي عليها، وهو: تحريم الوطء. وأما حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فإنما جلدهما على جهة التعزير، لا على جهة الحد، بدليل، أنه جلد المنكح، وبالإجماع: أنه لا حد عليه. وأما النبيذ: فالفرق بينهما: أن هذا الوطء يتردد بين الزنا والوطء في النكاح الصحيح، وشبهه في الوطء بالنكاح الصحيح أكثر، بدليل: أنه يجب فيه المهر والعدة، ويلحق به النسب، وإنما يشبه الزنا بتحريم الوطء لا غير، فكان إلحاقه بالوطء في النكاح الصحيح في إسقاط الحد أولى. والنبيذ ليس له إلا أصل واحد يشبهه، وهو: الخمر، لأنه شراب فيه شدة مطربة، وليس في الأشربة ما يشبه الخمر غيره، فألحقناه به.
[فرع النكاح المختلف فيه يتبعه الطلاق]
] : وإن تزوج رجل امرأة من نفسها وطلقها.. فهل يقع الطلاق عليها؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو إسحاق: يقع عليها طلاقه، لأنه نكاح مختلف في صحته، فوقع فيه الطلاق، كما لو تزوج امرأة ودخل بها وطلقها طلاقا بائنا، ثم تزوج أختها أو عمتها- قبل انقضاء عدة الأولى - وطلقها.. فإن نكاح الثانية مختلف في صحته، لأن مذهبنا: أنه يصح، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه: أنه لا يصح. ولو طلق الثانية.. لوقع عليها الطلاق، وإن كان مختلفاً في نكاحها، فكذلك هذه مثلها.
والوجه الثاني - وهو المنصوص -: (أنه لا يقع عليها طلاقه) ، لأن الطلاق قطع الملك، فإذا لم يقع هناك ملك.. لم يقع الطلاق، كما لو اشترى عبداً شراء فاسداً ثم