وروت عائشة: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما ذبح أضحيته قال: " اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد» وفي رواية جابر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لما وجه أضحيته إلى القبلة: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا} [الأنعام: ٧٩] » [الأنعام: ٧٩] .
وقرأ الآيتين، وقال: «اللهم منك ولك عن محمد وأمته، بسم الله، والله أكبر» ثم ذبح. ولأنه لا خلاف أن رجلا لو مر بمن يذبح، فقال: اللهم تقبل من فلان لم يكره، فأن لا يكره منه هذا أولى.
[مسألة شراء الأضحية لا يوجبها وما تتعين به وحكم إبدالها]
مسألة: [شراء الأضحية لا يوجبها وبماذا تتعين وما حكم إبدالها؟] :
إذا اشترى شاة بنية أنها أضحية ملكها بالشراء، ولم تصر أضحية.
وقال مالك وأبو حنيفة: (تصير أضحية بذلك) .
دليلنا: أن عقد البيع يوجب الملك، وجعلها أضحية يزيل الملك، والشيء الواحد لا يوجب الملك وزواله في وقت واحد معا، كما لو اشترى شيئا بنية وقفه أو اشترى عبدا بنية عتقه.
إذا ثبت هذا: فأراد أن يجعلها أضحية فهل يفتقر إلى القول؟ فيه قولان:
[الأول] : قال في الجديد: (لا تصير أضحية إلا بالقول) وهو أن يقول: هذه أضحية، أو جعلتها أضحية؛ لأنه إزالة ملك على وجه القربة، فافتقر إلى القول، كالوقف والعتق.
و [الثاني] : قال في القديم: (إذا نوى أنها أضحية صارت أضحية) ؛ لـ: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلد بدنه وأشعرها) . ولم ينقل أنه قال: إنها هدي.
والأول أصح؛ لأنه يحتمل أن يكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متطوعا بها، ولم ينذرها، فلذلك لم ينطق، أو يجوز أن يكون قد أوجبها لفظا، ولم ينقله الراوي، أو لم يسمعه أحد.
فإذا قلنا بقوله الجديد فلا كلام.
وإن قلنا بالقديم: وأنها تصير أضحية أو هديا بالنية ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تصير هديا أو أضحية بالنية لا غير، كالصوم.