والثالث: أنه يخرج من خمس الخمس؛ لأن أربعة أخماس الغنيمة لأهلها، وإنما يرضخ لأهل الرضخ للمصلحة، فكان من سهم المصالح.
ومن أصحابنا من قال: هذا القول يختص بأهل الذمة؛ لأنهم ليسوا من أهل الجهاد.
إذا ثبت هذا: فإن الرضخ غير مقدر، بل هو موكول إلى اجتهاد الإمام، ويختلف باختلاف قلة العمل وكثرته.
قال الشيخ أبُو إسحاق: ولا يبلغ به سهم راجل؛ لأنه تابع لمن له سهم فنقص عنه، كالحكومة لا يبلغ بها أرش العضو.
[مسألة: خروج الأجير مع المقاتلين]
وإن خرج مع المقاتلين أجير.. نظرت: فإن كانت إجارته على عمل في الذمة وحضر القتال.. فإنه يسهم له؛ لأن العمل في ذمته، فلا يمنع استحقاق السهم إذا حضر القتال، كما لو كان عليه دين في ذمته. وإن كانت الإجارة على مدة بعينها، فحضر الأجير للقتال في تلك المدة.. ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يستحق الأجرة، ويسهم له؛ لأن الأجرة مستحقة بالتمكين من العمل، والسهم مستحق بالحضور، وقد وجد الجميع.
والثاني: لا يسهم له، بل يرضخ له، ويستحق الأجرة مع الرضخ؛ لأن منفعته مستحقة لغيره وقت القتال، فلم يستحق السهم، كالعبد.
والثالث: يخير الأجير: بين السهم والأجرة. فإن اختار السهم.. استحقه وسقطت الأجرة. وإن اختار الأجرة.. استحقها ولم يسهم له، بل يرضخ له؛ لأن منفعته في ذلك الوقت واحدة فلا يستحق بها حقين، هذا قول أكثر أصحابنا.
وقال أبُو عليّ الطبري: القول في تخيير الأجير إنما يأتي في الإمام إذا استأجر من سهم الغزاة من الصدقات أجيرًا للغزاة لحفظ دوابهم وما أشبهه.. فإن الإمام يخيره؛ ليوفر سهمه أو أجرته على الغزاة، فأما إذا كان الأجير لواحد