بعينه.. فلا معنى لتخييره؛ لأنه لا معنى لتوفير الأجرة عليه ودفع السهم من نصيب الغانمين وإنما يكون فيه القولان الأولان.
ومن أصحابنا من قال لم يرد الشافعي بما ذكره من التخيير للأجير في الحقيقة، وإنما أراد المجاهدين الذين يغزون إذا نشطوا؛ فإنهم إذا حضروا.. يقول لهم الإمام: أنتم بالخيار: بين أن تأخذوا كفايتكم من الصدقات، وبين أن تأخذوا السهم من الغنيمة.
والأصح هو الطريق الأول:
فإذا قلنا: يخير.. فإن أصحابنا البغداديين قالوا: يخير قبل القتال وبعده. فأما قبل القتال: فيقال له: إن أردت الجهاد.. فاقصده واطرح الأجرة. وإن أردت الأجرة.. فاطرح الجهاد. ويقال له بعد القتال: إن كنت قصدت الجهاد.. أسهم لك وتركت الأجرة، وإن كنت قصدت الخدمة.. أعطيت الأجرة دون السهم. وإنما تسقط الأجرة إذا اختار السهم في الحالة التي حضر فيها القتال وترك خدمة المستأجر، فأما قبل ذلك.. فإنه يستحق الأجرة؛ لأنه قد وجد منه التمكين من العمل فيها.
وقال المسعوديُّ [في " الإبانة "] : إذا اختار السهم واطرح الأجرة.. فمن أي وقت تطرح؟ فيه وجهان:
أحدهما: من حين دخوله دار الحرب؛ لأنه يصير مجاهدًا بنفس دخوله دار الحرب.
والثاني: من حين حضوره الوقعة؛ لأن ذلك حقيقة القتال.
قال المسعوديُّ [في " الإبانة "] : وهذا إذا حضر وقاتل، فأما إذا لم يقاتل.. فإنه لا يسهم له قولا ًواحدًا.