فأما ما لا يستخف، وما تفاوت حصاده: إما بأن يسبق نبات بعضه، فأظل الباقي، فمنعه من الشمس، فلم يطل، أو منعه من النبات، فهذا من فروع المسألة الأولى.
وأما المستخلف: فمثل أن يحصد، ثم يخرج من ساقه زرعٌ آخر، فسنبل وحصد، فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: يضم الأول إلى الثاني على القول الذي يقول: يعتبر حال الزراعة، أو زرعُ سنة واحدة.
فأما إذا قلنا بالقولين الآخرين: فلا يضم؛ لأن الزرع لا يراد للبقاء بخلاف الشجر.
ومنهم من قال: لا يضم. كما قلنا في النخيل إذا حمل في السنة حملين، وحمل كلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - على أنه أراد: إذا زحم الزرع بعضه بعضًا، فأدرك الزاحم، ثم المزحوم. قال ابن الصباغ: والأول أشبه.
[مسألة: وجوب زكاة الحب بالاشتداد]
قال الشافعي:(إذا اشتد الحب.. وجبت فيه الزكاة) . قال أبو العباس: أراد به: اشتداد الحب في السنبل، وهو وقت الحصاد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١][الأنعام: ١٤١] .
فأوجب الحق يوم حصاده، فثبت أن الحق إنما يجب في الوقت الذي آن حصاده، ولا مدخل للخرص في الزرع؛ لأن الزرع مستورٌ بالأوراق، فلا يمكن حزره.
قال الشيخُ أبو حامد: ولأنه لا فائدة في خرص الزرع؛ لأنه لا يجوز التصرف فيه بالبيع؛ لأن بيعه في سنبله لا يجوز، ولا يمكن أكله في سنبله، بخلاف الرطب والعنب.