] : وإذا ثبتت الديون على رجل إما بالبينة، أو باعترافه، أو بأيمان المدعين عند نكوله، وسأل الغرماء الحاكم أن يحجر عليه.. نظر الحاكم في ماله:
فإن كان يفي بما عليه من الدين.. لم يحجر عليه، بل يأمره بقضاء الدين، فإن امتنع.. باع عليه الحاكم ماله، وقضى أصحاب الديون، خلافا لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقد مضت هذه المسألة، وهل تقوم الأعيان التي عليه أثمانها؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا يقومها؛ لأن لأربابها الرجوع فيها، فلا تحتسب أثمانها عليه، فلم يقومها عليه مع ماله.
والثاني: يقومها؛ لأن أصحابها بالخيار: بين أن يرجعوا فيها، وبين أن لا يرجعوا فيها، ويطالبوه بالثمن.
وإن قوم ماله، فوجدوه لا يفي بديونه.. لم يحجر الحاكم عليه قبل سؤال الغرماء ذلك؛ لأنه لا ولاية له عليه في ذلك. وإن سأل الغرماء أو بعضهم الحاكم الحجر عليه بعد ذلك.. حجر عليه، وباع عليه ماله، وبه قال مالك رحمة الله عليه، ومحمد، وأبو يوسف رحمهما الله.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (لا يحجر عليه، ولا يبيع عليه ماله، بل يحبسه حتى يقضي ما عليه) .
دليلنا: ما وري: «أن معاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ركبه الدين على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكلم غرماؤه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحجر عليه، وباع عليه ماله حتى قام معاذ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بغير شيء) .