والثاني - وهو قول القاضي أبي الطيب: إنه يصلب بعد موته؛ لأنهما حقان، فإذا تعذر أحدهما.. وجب الآخر.
[مسألة: اجتماع حد محاربة وقصاص]
إذا لزمه قتل في المحاربة وقصاص فيما دون النفس في غير المحاربة، فإن عفا من وجب له القصاص فيما دون النفس.. ثبت له الدية في ماله وقتل في المحاربة. وإن اختار أن يقتص منه فيما دون النفس.. اقتص منه، ثم قتل في المحاربة حتما.
ويقدم القصاص في الطرف، سواء تقدم القتل عليه أو تأخر. فإن لزمه القصاص فيما دون النفس في المحاربة، وقتل في المحاربة.. فإنه يقتص منه فيما دون النفس، ويقتل في المحاربة. وقال أبُو حَنِيفَة:(يدخل الجرح في القتل) .
دليلنا: أنهما حقان مقصودان لآدميين، فلم يتداخلا، كما لو وجبا في غير المحاربة.
وإن قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى من رجل في غير المحاربة، وأخذ المال في المحاربة ولم يقتل.. فمن قطعت يده ورجله بالخيار: بين أن يعفو عنه، وبين أن يقتص. فإن عفا عنه.. قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى؛ لأخذ المال في المحاربة. وإن اختار به القصاص.. قدم القصاص على القطع في المحاربة، سواء تقدم أخذ المال أو الجناية؛ لأن حق الآدمي آكد، فإذا اقتص منه.. لم يقطع للمحاربة حتى يبرأ من قطع القصاص؛ لأنهما حقان يجبان بسببين مختلفين.
وإن قطع اليد اليسرى والرجل اليمنى من رجل في المحاربة، وأخذ المال في المحاربة ولم يقتل، فإن قلنا: إن القصاص فيما دون النفس لا يتحتم في المحاربة؛ فإن عفا عن القصاص.. قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى؛ لأخذ المال في المحاربة. وإن اختار القصاص، أو قلنا: إنه يتحتم.. قدم القطع للقصاص في اليد اليسرى