أحدهما: يجوز للحاكم أن يأذن للمطيع، فإذا حج عن المطاع.. وقع عنه، كما إذا كان عليه زكاة أو دين، وامتنع من أدائه.. فإن الحاكم ينوب عنه في ذلك.
والثاني: لا يجوز إذن الحاكم بذلك، وهو الصحيح؛ لأن الحج عن الغير بغير إذنه لا يجوز، فلو جوزنا إذن الحاكم في ذلك.. لوقع الحج عنه بغير إذنه مع إمكانه، فلم يجز، ويخالف الزكاة والدين؛ لأن ذلك يتعلق به حق الآدمي، بخلاف الحج عنه.
وإن كان للمعضوب مال، ولم يستأجر من يحج عنه.. فقال البغداديون من أصحابنا: لا ينوب عنه الحاكم في الاستئجار وجها واحدا. والفرق بينه وبين الإذن للمطيع: أن له غرضا في تأخير الاستئجار، بأن ينتفع بماله.
وأما المسعودي [في " الإبانة " ق ١٧٣] : فحكى فيه وجهين:
أحدهما: هذا؛ لأن الحج لا يستأجر عنه؛ لأنه على التراخي.
والثاني: يستأجر عنه، قال: وهو الأصح؛ لأن الحج إنما يكون على التراخي في الصحة، فأما إذا زمن.. فقد يضيق وقته، فلم يكن له التأخير.
[فرع رجوع الباذل ببذله]
وهل يجوز للباذل الرجوع عنه بعد البذل؟ ينظر فيه:
فإن كان قد أحرم عن المبذول عنه.. لم يجز له الرجوع؛ لأن الحج يلزم بالشروع فيه. وإن كان لم يحرم عنه.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز له الرجوع؛ لأنه قد لزم المبذول له الحج ببذله، فلزم الباذل.
والثاني: يجوز له الرجوع، وهو الصحيح؛ لأنه لا يجب عليه البذل، فلم يلزمه بالبذل حكم.
[فرع وجوب الحج على المطاع بيسار ولده أو ببذل الأجنبي]
] : فإن كان الولد المطيع معضوبا، لا يقدر على الحج عن والده بنفسه، ولكن له مال يمكنه أن يستأجر به من يحج عنه، وبذل له ذلك.. فذكر الشيخ أبو حامد،