لأن ما دون ذلك من أخبار الآحاد. فلا يقع العلم من جهتهم. وظاهر كلامه أنه أراد: ما يقع به خبر التواتر، وهذا بعيد. وقال ابن الصباغ: ظاهر كلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقتضي: أن تكثر به الأخبار؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(العلم من ثلاثة أوجه: منها: ما عاينه وشهد به) وأراد به الشهادة على الأفعال، (ومنها: ما تظاهرت به الأخبار، وتثبت معرفته في القلوب) وأراد بذلك ما يعلم بالاستفاضة. (ومنها: ما أثبته سماعا مع إثبات حضور من المشهود عليه) وأراد به الشهادة على العقود، فشرط في الاستفاضة ظاهر الأخبار، وذلك يكون بانتشارها وكثرتها.
وظاهر قول ابن الصباغ: أنه أراد إذا سمع ذلك من عدد فوق الاثنين ووقع في نفسه صدقهم.. جاز له أن يشهد بذلك وإن كان دون العدد الذي يقع به خبر التواتر.
[مسألة إخباره عن أبوة صبي والشهادة بمجرد السماع]
] : وإن سمع رجلا يقول لصبي صغير مجهول النسب: هذا ابني، وكان الصبي ممن يجوز أن يكون ابنا له، أو سمع رجلا مجهول النسب يقول لرجل: هذا أبي، فسمعه الأب وسكت وهو ممن يجوز أن يكون ابنا له.. جاز له أن يشهد بذلك النسب؛ لأن سكوت الأب بمنزلة إقراره، والإقرار جهة يثبت بها النسب. ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يشهد بالنسب حتى تتكرر الدعوى من أحدهما والسكوت من الآخر، وليس بشيء. وإن كذبه الأب.. لم يجز له أن يشهد؛ لأن النسب لا يثبت مع التكذيب.
[فرع تصرف شخص بدار كهدم ونحوه والشهادة له بالملك]
] : إذا رأى رجل دارا في يد رجل يتصرف فيها بالهدم والبناء والإعارة والإجارة.. فله أن يشهد له بها باليد، وهل يجوز له أن يشهد له بملكها؟ ينظر في المدة التي رآها في يده:
فإن كانت قليلة - قال الشيخ أبو حامد: كالشهر والشهرين - فليس له أن يشهد له