يصح العقد فيما زاد على العشر. وهل يصح العقد في العشر؟ على القولين، بناء على تفريق الصفقة. ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: يصح في العشر، وتبطل فيما زاد قولا واحدا؛ لأنه يجوز فيما بين المسلمين والكفار ما لا يجوز بين المسلمين وحدهم. والأول هو المشهور.
إذا ثبت هذا: فإن المسعودي قال: [في " الإبانة "] : إذا طلب المشركون عقد الهدنة.. فالظاهر: أنه لا يجب على الإمام عقدها؛ إذ لا منفعة للمسلمين في ذلك. ومن أصحابنا من قال: إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك؛ بأن يرجو إسلامهم.. وجب عليه ذلك؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦] الآية [التوبة: ٦] .
[مسألة: عقد الهدنة مطلقا]
وإذا عقد الإمام الهدنة مطلقا.. لم يصح العقد؛ لأن الإطلاق يقتضي التأبيد، والهدنة لا يصح عقدها على التأبيد. هذا نقل أصحابنا العراقيين.
وقال الخراسانيون: يصح العقد، فإن كان الإمام مستظهرا.. انصرف إلى أربعة أشهر في أحد القولين، وإلى سنة في الثاني. وإن كان غير مستظهر.. انصرف العقد إلى عشر سنين.
[فرع: الهدنة من غير مدة ولكنها علقت بالمشيئة]
] : وإن هادنهم الإمام إلى غير مدة على أن له أن ينقض متى شاء.. جاز؛ لأن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صالح أهل خيبر مطلقا، ولكن قال:«أقركم ما أقركم الله تَعالَى» . وفي بعض الأخبار:" أقركم ما شئنا ". فإن قال غير النَّبيّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أقركم ما أقركم الله أو إلى أن يشاء الله.. لم تصح الهدنة؛ لأن ذلك لا يعلم إلا بالوحي، وقد انقطع الوحي بموت النَّبيّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.