للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما يُفسِدُ الماء من النجاسة]

، وما لا يُفسِدُهُ

إذا وقعت في الماء نجاسة، فتغير لونه أو ريحه أو طعمه، نجس الماء، سواء كان الماء قليلًا، أو كثيرًا.

والدليل عليه: ما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ من بئر بُضاعة - وهي بئر في المدينة - فقيل: يا رسول الله، إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وإنه يطرح فيها المحائض ولحوم الكلاب وما ينجي الناس! فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "خُلق الماء طهورًا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه، أو ريحه» . فنص على (الطعم، والريح) ، وقسنا اللون عليهما؛ لأنه أدل على غلبة الماء منهما، وقد روي: «إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه» .

(والمحائض) : خرق الحيض، و (ما ينجي الناس) : الغائط، يقال: أنجى الرجل إذا تغوط.

فإن قيل: كيف يطرح ذلك في بئر يتوضأ منها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟

قلنا: يحتمل أن البئر في متسفل من الأرض، فتكون هذه الأشياء بقربها، ثم يحملها السيل إليها، ويحتمل أن يكون طرحوا ذلك إليها قبل أن يتوضأ منها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحتمل أن يكون طرحها المنافقون.

وإن تغير بعض الماء دون بعض.. فقد ذكر في " المهذب "، و" المقنع ": أنه ينجس الجميع؛ لأنه ماء واحد، فلا يجوز أن ينجس بعضه دون بعض.

وقال بعض أصحابنا المتأخرين: أراد إذا كان الماء الذي لم يتغير أقل من قلتين. فأما إذا كان الذي لم يتغير قلتين أو أكثر.. لم ينجس ما لم يتغير منه؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>