فأما إذا قال: هذه الدار ملكها لعمرو وغصبتها من زيد.. فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: الحكم فيها كالحكم في التي قبلها؛ لأنه لا فرق بين أن يقدم ذكر الغصب أو الملك؛ لأنهما لا يتنافيان على ما مضى.
ومنهم من قال: يلزمه هاهنا أن يسلمها إلى زيد، وهل يلزمه أن يغرم لعمرو؟ فيه قولان، كما قلنا فيه إذا قال: هذه الدار لزيد، لا بل لعمرو.
وحكى ابن الصباغ: أن من أصحابنا من قال: يلزمه أن يسلمها إلى عمرو، وهل يضمنها لزيد؟ على قولين؛ لأنه أقر بالملك لعمرو، فلم يقبل إقراره باليد لزيد.
[فرع أقر بغصب عبد من أحد رجلين]
إذا قال: غصبت هذا العبد من أحد هذين الرجلين.. فإنه يطالب بتعيين المغصوب منه منهما.
فإن قال: لا أعرف عينه.. نظرت: فإن صدقاه على ذلك.. انتزع العبد من يده وكانا خصمين فيه. وإن كذباه وادعى كل واحد منهما أنه يعلم أنه غصبه منه.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه أعلم بفعله، فإذا حلف.. انتزع منه العبد وكانا خصمين فيه، وإن نكل.. حلف المدعي وكان كما لو أقر له.
وإن قال المقر له: هو لهذا.. فإنه يكون له لا ويغرم للآخر شيئا قولا واحدا؛ لأنه لم يقر له بشيء. فإن قال الآخر: أحلفوه أنه لا يعلم أنه لي.. فهل يلزمه أن يحلف؟ يبنى على القولين فيه إذا أقر له به بعد الأول:
فإن قلنا: يلزمه أن يغرم له قيمته.. لزمه أن يحلف له؛ لجواز أن يخاف اليمين فيقر.
وإن قلنا: لا يلزمه أن يغرم له قيمته.. لم يلزمه أن يحلف؛ لأنه لا فائدة في عرض اليمين عليه.