والثاني: يصح؛ لأن لفظ النكاح والتزويج آكد من الرجعة؛ لأنه تستباح به الأجنبية، فإذا استباح بضعها بلفظ الرجعة.. ففي لفظ النكاح والتزويج أولى.
[فرع: قوله راجعتك أمس أو راجعتك للمحبة أو للإهانة]
وإن قال: راجعتك أمس.. كان إقرارا برجعتها، وهو يملك الرجعة، فقبل إقراره فيها.
وإن قال: راجعتك للمحبة أو للإهانة.. سئل عن ذلك: فإن قال: أردت بقولي للمحبة: لأني كنت أحبها في النكاح، فراجعتها إلى النكاح؛ لأردها إلى تلك المحبة، أو كنت أهينها في النكاح، فراجعتها إلى النكاح وإلى تلك الإهانة.. أو لحقها بالطلاق إهانة، فراجعتها إلى النكاح لأرفع عنها تلك الإهانة.. صحت الرجعة؛ لأنه قد راجعها وبين العلة التي راجعها لأجلها.
وإن قال: لم أرد الرجعة إلى النكاح، وإنما أردت: أني كنت أحبها قبل النكاح، فلما نكحتها أبغضتها، فرددتها بالطلاق إلى تلك المحبة قبل النكاح، أو كنت أهينها قبل النكاح، فلما نكحتها زالت تلك الإهانة، فرددتها بالطلاق إلى تلك الإهانة.. لم تصح الرجعة؛ لأنه أخبر: أنه لم يردها إلى النكاح، وإنما بين المعنى الذي لأجله طلقها.
وإن مات قبل أن يبين.. حكم بصحة الرجعة؛ لأنه يحتمل الأمرين، والظاهر أنه أراد الرجعة إلى النكاح؛ لأجل المحبة أو لأجل الإهانة.
[مسألة: الرجعة والإشهاد عليها]
وهل تصح الرجعة بغير شهادة؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تصح الرجعة إلا بحضور شاهدين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢][الطلاق: ٢] ، فأمر بالإشهاد على الرجعة، والأمر يقتضي الوجوب، ولأنه استباحة بضع مقصود فكانت الشهادة شرطا فيه، كالنكاح.