[مسألةٌ: أيفسخ العقد بالتحالف]
وإذا تحالفا لم يبق إلاَّ الفسخ للعقد؛ لأنه لا يمكن إمضاؤه بعد التحالف، وهل ينفسخ بنفس التحالف، أو يفتقر على الفسخ؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: ينفسخ بنفس التحالف، كما ينفسخ النكاح باللعان؛ ولأن بالتحالف صار الثمن مجهولاً، والبيع لا يثبت مع جهالة الثمن.
والثاني ـ وهو المنصوص ـ: (أنه لا ينفسخ إلاَّ بالفسخ) ؛ لأن العقد وقع صحيحًا في الباطن، فتداعيهما وتعارضهما باليمين لا يوجب فسخه، كما لو أقام كل واحد منهما بيِّنةً.. فإن البيع لا ينفسخ، وإن كانت التهمة منتفية عن البينة.. فلأن لا ينفسخ بأيمانهما والتهمة غير منتفية عنهما أولى.
فإذا قلنا: إن البيع ينفسخ بالتحالف.. فإن المبيع يرد إلى البائع، فلو أراد المشتري أن يمسكه بما حلف عليه البائع أو رضي البائع بتسليمه بما حلف عليه المشتري.. لم يصح ذلك إلا بعقد جديد.
وإن قلنا بالمنصوص، وأنه لا ينفسخ بالتحالف.. فإنه يقال للمشتري: أترضى أن تمسك المبيع بما حلف عليه البائع، فإن رضي بذلك.. أجبر البائع على تسليمه بذلك؛ لأنه أقر أنه باعه بذلك، وإن لم يرض المشتري بإمساكه بما حلف عليه البائع.. قيل للبائع: أترضى أن تسلِّمَهُ بما حلف عليه المشتري، فإن رضي بذلك.. أُجبر المشتري على ذلك؛ لأنه أقر أنه ابتاعه بذلك، وإن لم يرض واحدٌ منهما.. فُسخَ العقد، وفيمن يفسخه وجهان:
أحدهما: لا يفسخه إلا الحاكم؛ لأنه فسخ مجتهد فيه، فافتقر إلى فسخ الحاكم، كفسخ النكاح بالعنة والإعسار بالنفقة، وفيه احترازٌ من الرد بالعيب.
والثاني: يفسخه من شاء منهما؛ لأن النقص قد دخل على كل واحد منهما؛ لأن البائع يقول: بعته بألفين، ولم يسلم إليّ إلاَّ ألفٌ، والمشتري يقول: أنا أستحق المبيع بألفٍ، والبائع يطلب منِّي ألفين، فكان لكلِّ واحدٍ منهما أن ينفرد بالفسخ، كما